الاثنين، 28 مارس 2016

مفهوم الباراديقم



ان ما يميز العصر الحديث و المعاصر في حقل الافكار السياسية في الغرب هو ظهور الفلسفة السياسية و النظريات الدستورية و التي اسست لوجود دول و انظمة تتبنى الديمقراطية الليبرالية و لكن في الواقع ان هذه الافكار الاساسية قد كانت قد شكلت بواسطة مفكرين في العصور القديمة و الوسطى، وهذا ما يثير سؤال : لماذا اذا هذه الدول و هذا المجتمع المتطور لم يزدهر بشكل حقيقي الا في العصر الحديث و المعاصر ؟

مفهوم البراديغم :
يمكن ترجمة مصطلح البارادايغم حسب ويكيبديا (باللاتينية: Paradigma) بأنه (النموذج الفكري) أو (النموذج الإدراكي) أو (الإطار النظري)، وقد ظهرت هذه الكلمة منذ أواخر الستينيات من القرن العشرين في اللغة الإنجليزية بمفهوم جديد ليشير إلى أي نمط تفكير ضمن أي تخصص علمي أو موضوع متصل بنظرية المعرفة «الإبستيمولوجيا». وقد كانت الكلمة في أول الأمر قاصرة على قواعد اللغة، حيث كان تعريف قاموس ميريام ويبستر للكلمة من ناحية الاستخدام المتخصص لها في قواعد اللغة أو الكتابة الإنشائية كتشبيه أو حكاية. وفي علوم اللغة أيضا استخدم فرديناند دو سوسور كلمة باراديم لتشير إلى طائفة من العناصر ذات الجوانب المتشابهة.
الاجابة تكمن في ان القرون الاخيرة اكتملت بشكل عميق و كبير و متقدم فكريا بالمقارنة مع العصور القديمة و الوسطى ان المفكرين في هذه العصور اسسوا نموذجا جديدا للنظام الاجتماعي و الذي نستطيع ان نصنفه على انه نموذج او ( براديغم )التنظيم من خلال التعددية .و( البراديغم ) مفهوم جديد لم يتبلور تعريفه في اطار ثابت و جامع مانع بل لا يزال يصقل و يضاف اليه و يقطع منه حسب الايديولوجيات و المذاهب الفكرية و السياسية التي تتناوله كل من زاويتها و رؤيتها الخاصة .لكن بشكل عام و نسبي يعرف البراديغم بانه ( هو نموذج يشكل البناء التحتي لفكر ما و يحدد بنيته و يطرح حوله اسئلة محددة ، فضلا عن هذا ينظم معطياته و فق بنى و محيطات متعددة .و البراديغم في الفكر السياسي و الاجتماعي العام الحديث هو نطاق او محيط في داخله نفكر بالمشاكل المتعلقة بالمجتمع و الدولة .و كل (براديغم) يرتكز على استيفاء او الحصول على شكل ما للتنظيم او الفوضى الاجتماعية و هذا يعني ما يحدد بدقة و احترام الازدهار و السلام و السعادة للمجتمع او بالعكس هو الذي يحدث اضطرابات و بلبلة و عدم استقرار و سقوط و انهيار،هذا المفهوم للتنظيم سيحدد كل شيء على سلم او مقياس للقيم بما يتعلق با لسياسة و الاقتصاد و الاجتماع ومن خلاله نحدد معيار او معايير ما نفضل و الاعمال التي سنقوم بها و البرامج التي سنعدها .وفي الفكر السياسي الغربي الحديث نميز ثلاث عائلات من النظريات اليمين اليسار و الديمقراطية الليبرالية و نستطيع اعتبار ان كل واحدة من هؤلاء تقاد بشكل عميق من خلال براديغم اساسي او رؤية اجتماعية للنظام ، فمثلا الفكر اليميني يظهر كانه يقاد من خلال النظام الفطري او الطبيعي ام اليسار من خلال نظام مصطنع و التقليد الديمقراطي و الليبرالي من خلال نظام عفوي تعددي ثقافي متداخل و متعدد التنظيم. و البراديغم المهيمن في وقتنا الحالي هو البراديغم الليبرالي حيث تتبناه الدول الكبيرة و التي لديها دور فعال في القرارات الدولية و الاقليمية و البراديغم الليبرالي لا يشمل فقط حرية السوق و المبادرات الفردية بل يشمل ايضا تعددية الصحافة و العلوم و تفتح الحقيقة و نموها فالتعددية تولد شكلا ساميا للنظام لهذا السبب في العصر الحديث و المعاصر تطورت مذاهب الديمقراطية الليبرالية الى حد كبيرو تاريخ الفكر السياسي في هذه الفترة يستطيع ان يكون متصفا او مطبوعا كتاريخ يرتقي او يدور في داخل ( براديغم التعددية) و من جهة اخرى يدور بنفس التناسق في صراع ضد نموذج من التفكير يقام بواسطة مفكري ( اليمين )المرتبطين ب (براديغم )النظام الطبيعي و مفكري اليسار المرتبطين في براديغم العقل البنائي .فضلا عن هذا فالبراديغم الليبرالي لديه تعبيراتها المذهبية الكاملة الى حدا كبير في العصر الحديث و المعاصر وهذا ما تفتقر اليه البراديغمات الاخر

تحول البراديغم :

مصطلح استخدمه للمرة الأولى توماس كوهن في كتابه ” بنية الثورات العلمية ” 1962، ليفسر عملية ونتيجة التغيير التي تحدث ضمن المقدمات والفرضيات الأساسية لنظرية لها القيادة للعلم في مرحلة محددة من الزمن. منذ ان استخدمها كوهن انتشر استعمالها بشكل واسع، حتى في محالات أخرى من التجربة الإنسانية.
تحول البارديغم حسب كوهن

تحول البراديغم هو الثورة العلمية حسب توماس كوهن.انه ثورة في النمط العلمي بشكل ادق، حيث ان مفردة البراديغم تعني “النمط الفكري”. تحدث الثورة العلمية، حسب كوهن، عندما يواجه العلماء مشاكلا لا يمكن حلها حسب النمط السائد عالميا ،و لهذا يجب، من حل هذه المشاكل، تجاوز هذا النمط، بألإضافة إلى تكوين نظرية جديدة. البراديغم، بهذا المعنى، هو ليس النظرية السائدة الحالية، بل هو الرؤية للعالم، والتي تحتوي على هذه النظرية، وكل المعاني المتضمنة داخل هذه الرؤية. حسب كوهن، كل باردايغم، يحتوى على مشاكل معينة، يتعامل معها العلماء على انها حد ادنى ومقبول من الخطأ.، ويتم تجاهلها ولا يلتفت إليها. (وهذا خلاف أساسي يعارض فيه كوهن مبدأ التخطئةلكارل بوبر، الذي يعتبر ان وجود امكانية الخطأ هو أساس ومحور ان تكون النظرية علمية)، على العكس من ذلك، يرى كوهن، ان المشاكل في كل نظرية علمية، تجتذب اهتماما مختلفا لممارسي العلم في وقت بعينه. ففي أوائل القن العشرين، كان هناك اهتمام من قبل البعض بنقطة اوج المريخ (ابعد نقطة عن الأرض) أكثر مما كان لهم بنتائج تجربة مكلسون- مورلي.و العكس صحيح بالنسبة لعلماء الاخرين. نموذج كوهن في الباراديغم يركز على جهود العلماء الافراد على عكس اصحاب رؤية المنطق الوضعي الذين يلخصون العلم بشكل مطلق داخل اطار فلسفي نظري. عندما تتراكم المشاكل امام بارديغم سائد، فأن النظام العلمي سيقع في ازمة. خلال هذه الأزمة، فأن افكارا جديدة، ربما بعضها كانت مرفوضة ومستهجنة من قبل، ستسخدم للخروج من الأزمة. كنتيجة، وكتحصيل حاصل، فأن بارديغم جديد سيتمخض عن ذلك كله، وسيكون له اتباعه ومناصروه من العلماء والمفكرين، وستنشأ معركة بين البارديغم الجديد، وممتلكات ومعوقات الباراديغم القديم. كمثال آخر حدث في فيزياء القرن العشرين : فأن المعركة بين الرؤية الكهروطيسية(ماكسويل) ونسبية أينشتاين) لم تكن فورية كما أنها لم تكن معركة سهلة، فقد شملت عدة جولات بين الجانبين، حيث استخدم كل جانب معلومات تجريبية، إضافة إلى الجدل الفلسفي والنظري.إلى ان انتهى الامر في نهاية المطاف وعلى المدى البعيد بأنتصار آينشتاين.مرة أخرى، تقييم الادلة واهمية المعلومات الجديدة كانت تقابل بشكل مختلف عند الجانبين طوال تلك المعركة : بعض العلماء وجدوا ان عبقرية آينشتاين كانت في معادلاته البسيطة، غير ان آخرين وجدوها أكثر تعقيدا من معادلات ماكسويل التي ابعدت.البعض وجد صور ادنغتون التي تبين انعكاس اشعة الشمس دليلا قاطعا على صحة النظرية، بينما شكك آخرون في دقتها ومغزاها.في أحيان كثيرة، يكون الامر المقنع هو مرور الوقت نفسه.يشير كوهن، مقتبسا من ماكس بلانك، ” ان الحقيقة العلمية الجديدة لاتنتصر عبر اقناع معارضيها أو جعلهم يرون الضوء (عبرها)، ولكن الامر هو انهؤلاء عادة يموتون، ويكبر جيل جديد يكون أكثر تقبلا لتلك الحقيقة الجديدة”.عندما يتغير النظام العلمي من باراديغم إلى اخر فأن ذلك يعني، حسب مصطلحات كوهن، ان ثورة علمية، أو تحولا في البارديغم قد حصل.انها النتيجة النهائية لهذا التغير هو المصود من ” تحول الباردايغم ” عندما يستعمل بشكل دارج. انها الرؤية للعالم التي تغيرت بشكل جذري، التفاصيل العلمية التي ادت لهذا غير مهمة هنا في هذا المصطلح. لا تعدم نظرية “تحول البراديغم ” معارضين ،فالقسم يتهم كوهن انه ركز أكثر مما يجب على الجانب الفردي للعلماء، مما يفارق الموضوعية ويقارب الجانب الشخصي.

امثلة على تحول الباردايغم في العلم

هناك امثلة صارت تعد كلاسيكية للتدليل على ” تحول البراديغم  ” والثورة العلمية بالمعنى الذي اراده كوهن.
. التحول من الرؤية البطلمية (نسبة إلى بطليموس) للكون، إلى رؤية كوبرنيكوس.

. توحيد الفيزياء الكلاسيكية على يد نيوتن إلى رؤية ميكانيكية متماسكة للعالم.
. الانتقال من الرؤية الكهرطيسية لماكسويل إلى نسبية آينشتاين.
. التحول من فيزياء نيوتن إلى نسبية آينشتاين.
. تطور ميكانيكا الكم التي اعادت تعريف الميكانيك.
. ظهور نظرية داروين في التطور عبر الاصطفاء الطبيعي بدلا عن رؤية لامارك التي ترى وراثة الصفات المكتسبة.
. القبول بنظرية ” الانقلاب الصفيحي” لتفسير التغيير ات الجيولوجية الواسعة.

استعمالات أخرى
بالتدريج أصبح المصطلح يستخدم للدلالة على اي تغيير جذري في نهج التفكير، سواء كان ذلك على صعيد النظم الاجتماعية، أو المؤسسات الكبيرة أو حتى الصعيد الشخصي : التحول من دين إلى آخر مثلا.

من الامثلة:

. توقيع النخب الملكية البريطانية لوثيقة الماغناكارتا.

. الانفجار الكامبري الذي وقع قبل مئات الملايين من السنين وادى إلى ظهور كائنات معقدة متعددة الخلايا.
. التغييرات التي تحدث للمجتمع مع دخول آلة جديدة : العجلة.البارود. رقائق الحاسوب).
. المؤسسات العكسرية وتطور النوذج البروسي في إدارة القتال


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق